الموسيقي البارع يخاف النشاز حين يغامر بغناء لحن جديد.
الكاتب المتمكن يخاف الركاكة حين يحاول كتابة قصة جديدة.
الرسام الملهَم يخاف العجز حين يقترب من اللوحة القماشية البيضاء.
الممثل النجم يخاف التلعثم والذعر حين يقف أمام آلاف الجماهير على المسرح.
لكنهم جميعًا يقدِمون خائفين على الغناء والكتابة والرسم والتمثيل.
يقدِمون رغم الخوف، للكشف عن مناطق جديدة لم يسبق لأحد الاقتراب منها.
هذا الخوف هو علامة خروجهم مما يألفونه في محاولة ابتكار فن جديد.
إنه دليلهم للتأكد من مغادرتهم لما يعرفونه ويتقنونه، بحثًا عن أنظمة جديدة للدهشة.
الخطأ.
السخافة.
والغرابة أحيانًا.
جميعها أعراض جانبية ستظهر إذا حاولت ابتكار فن جديد. ثمنٌ ستدفعه إذا أردت خلق ما لم يسبقك إليه أحد.
في سبيل هذا الخلق، ستُجازف بالدقة والكمال.
ستجازف بالتصفيق الحار، وإعجاب الجماهير.
ستجازف بالاطمئنان، والثقة بالنفس، وبالمعرفة والغرور.
كل خطوة تخطوها نحو فنّك هي مجازفة.
الخطأ ينتظرك عند كل منعطف، وإشارات الإنذار الحمراء تضيء برموز غريبة لم يسبق لك رؤيتها في حياتك.
لتنجح في الوصول إلى فنّك، عليك القفز في الهواء خائفًا وواثقًا بالهبوط في أماكن جديدة ومدهشة.
رفضك لمواجهة هذا الخوف، سيؤدي بك إلى الشلل.
الشلل أمام آلتك الموسيقية: لن أعزف إلا لحنًا كاملًا.
الشلل أمام الصفحة البيضاء: لن أكتب إلا سطرًا مثاليًا.
الشلل أمام القماش الأبيض: لن أرسم إلا تحفة فنية خالدة.
الشلل على خشبة المسرح: لن أمثل إلا مشهدًا يصفّق له الجمهور.
إذا استسلمت لهذا الشلل سينتصر العدم عليك، وسينتصر الخوف علينا جميعًا.
ستتوقف عن ابتكار الفن، ستسقط ولن تنجح في الاستمرار.
يقول ڤنسنت ڤان جوخ في رسالته إلى أخيه ثيو:
"لا أظنك تعرف الشلل الذي يصيب الرسّام حين تحدّق اللوحة الفارغة فيه وتقول: لن ترسم. للقماش الأبيض نظرة حمقاء، تصيب بعض الرسامين فيتحولون إلى حمقى. كثيرون منهم يخافون اللوحة الفارغة، ولكن اللوحة تخاف الفنان الحقيقي الشجاع المقدم على المخاطرة المنتصر على لعنة العجز".
هربك من الأخطاء سيحرمك من أعظم أعمال حياتك، فلا تهرب من الأخطاء، ولا تترك الخوف ينتصر عليك.
