قضيت عشريناتي وأنا أحاول تحقيق أحلامي.
كل الأحلام التي حققتها بدأت بالخيال والحلم، ثم تحققت بسبب الحزم والصرامة وربما الملل.
مع مرور السنوات انتبهت لوجود شخصين مختلفَين ومتناقضين في داخلي: العرّاف والجندي.
العرّاف: صانع الأحلام. الرائي البارع في التخيّل وفي النظر إلى البعيد.
والجندي: الماهر في التنفيذ والالتزام. الصبور الذي لا يسأل. يطمئن في التكرار والرتابة ولا يشتكي ولا يمل.
في فترة الحلم احتجت إلى قوة الخيال لتدفعني دون حد أو شرط. وحينها كان عليّ إسكات الجندي وقمعه حتى لا يتدخل في الحلم.
وفي فترة التنفيذ احتجت إلى انضباط الجندي، وكان عليّ إسكات العرّاف حتى لا يتدخّل في العمل ويشتت الجندي بأفكار جديدة. على العرّاف في البداية ألا يفكر بواقعيّة ليتمكن من إنجاز مهمته: خلق الحلم.
وعلى الجندي لاحقًا ألا يفكر بإبداع ليتمكن من إنجاز مهمته: تنفيذ الحلم. لتدريب العرّاف في داخلك ستحتاج إلى: السفر، القراءة، الكتابة، الاستماع للآخرين والتأمل.
ولتدريب الجندي تحتاج إلى: التركيز، الصبر، بناء العادات، العزيمة، النهوض بعد كل سقوط. للعرّاف وقت: في بدايات الابتكار وأوّل الحلم.
وللجندي وقت: حين تتضح الوُجهة، ويُعرف الهدف.
للعرّاف مهامه:
- خلق أحلام كبيرة. على العرّاف التنبؤ بمستقبلك وتحديد بصمتك التي تريد صنعها في المستقبل.
- تصور المستقبل. تخيّله دون توقّف. توضيح الحلم ورسم ملامحه، وخلق سبب للاستيقاظ كل صباح لمطاردته. - الإبداع. اكتشاف أفكار وأساليب جديدة لحل المشكلات، والتفكير خارج الحدود التقليدية للخروج من المآزق والتحديات.
- الإلهام ورسم الخريطة. إلهام الجندي ورسم خريطة تمكنه من الوصول. بعث الشغف، التذكير بسبب الرحلة، واستحضار المعنى في كل خطوة.
وللجندي مهامه أيضًا:
- الهوس بالتنفيذ. تقسيم الحلم إلى مهام يمكن تنفيذها بدقة. رؤية الأثر على أرض الواقع.
- الصبر. الاستمرار في التقدم رغم الخسارة والفشل. تحمّل المفاجآت والوصول إلى الوُجهة.
- الانضباط والاتساق. إتقان فن الالتزام بالعادات اليوميّة. الإيمان بالخطوات القصيرة الثابتة والمتكررة لتحقيق الحلم.
- الاهتمام بالتفاصيل. حين يرى الآخرون الصورة الكبرى، على الجندي الاهتمام بالصور الصغيرة والدقيقة والتأكد من اتساقها وعملها معًا. إن استطعت كتابة أدوار مناسبة للعرّاف والجندي في داخلك ليعملا معًا بانسجام، فقد تكون وصلت إلى سر تحويل أحلامك إلى مهام يوميّة.