هل حلمت أن تصبح طيّارًا حين تكبر؟

محمد الضبع

محمد الضبع

20 - يناير - 2024

20 - يناير - 2024

20 - يناير - 2024

📬 دورة بريديّة مجانيّة
لإتقان فن الكتابة في العالم الرقمي، وبناء قاعدة من القرّاء الأوفياء.

📬 دورة بريديّة مجانيّة
لإتقان فن الكتابة في العالم الرقمي.

في طفولتي ظننت أنني سأصبح طيّارًا حين أكبر.

مرت سنوات في المرحلة الابتدائية وأنا أتقمص شخصية الطيّار.

اقتنيت زي طيّار. لبست قبّعة طيّار. وحلمت باقتناء مجسمات طائرات الخطوط السعودية في التسعينيات.

أُعجبت بحلم "الطيّار" لأنها صورة واضحة لدور يمكنني تقمّصه، كأنني شخصية خياليّة في فيلم سعيد.

أرتدي بدلة أنيقة، أجيد التحليق بمركبات ضخمة، وأبتسم طوال الوقت.

"الطيّار" كلمة.

والكلمة بوصلة وبلوّرة سحريّة لقراءة المستقبل.

الكلمات التي نستخدمها لوصف أنفسنا تحدّد كيف نرى أنفسنا، وكيف يرانا الآخرون.

نستقل الكلمات مثل مركبات نفّاثة تأخذنا إلى وُجهات بعيدة لم نذهب لها من قبل.

ولكن قبل الإقلاع: علينا أن نسأل أنفسنا عن هذه الكلمات. هل نفهم معناها حقًا؟ أم أننا أُعجبنا بلمعانها فقط؟

الكلمة التي نختارها لوصف أنفسنا ستحدد عالمنا، التجارب التي سنخوضها، الرحلات التي سنأخذها، والأشخاص الذين سنلتقي بهم.

كل هذا من كلمة؟

نعم.

نقضي سنوات طويلة ونحن نبحث عن هذه الكلمة التي ستجيب عن كل أسئلتنا.

من نحن؟ كيف نصف أنفسنا للعالم؟ وهل سيسمح لنا الآخرون باللعب معهم؟

تخيّل لو حصلت على كلمة واحدة تجيب عن كل هذه الأسئلة، بالإضافة إلى زيّ رائع، قبعة أنيقة، وفرصة السفر حول العالم؟

هذا هو سبب تعلّقي وتعلّق الكثير من الأطفال بحلم “الطيّار”.

الطبيب، المهندس، المترجم، الكاتب.

جميعها كلمات نصف بها أنفسنا ويصفنا الآخرون بها لمساعدتهم على فهم دورنا في العالم. نُعجب سرًا بهذه الكلمات ونضعها في سيرنا الذاتية ونعلّقها كنياشين في حساباتنا الشخصية. ثم نكتشف بعد فترة أننا أصبحنا مساجين لها في قالب لا يعبّر عنّا. ربما لأننا فقدنا الشغف، أو لأننا نريد اكتشاف كلمات جديدة لا يُسمح لنا بالاقتراب منها، لأننا نعلّق على صدورنا تسميات أخرى لا تناسبها.

بعد سنوات من البحث والتفكير عن هذه "الكلمة"، اكتشفت أن ما نفعله خارجها هو ما يعبّر عنا.

نعم.

طبيعتنا الإنسانيّة لا تقبل الأحادية. نحن لسنا آلات لها وظائف محددة، بل كائنات حرّة.

بإمكاننا القيام بعدة أدوار مختلفة في أسبوع واحد وفي يوم واحد، فما بالك بحياة كاملة؟

أتخيّل أن لكلّ منّا سحابة صغيرة فوق رأسه ترافقه أينما ذهب.

تعبّر هذه السحابة عن مجموعة من "الكلمات" للتعبير عمّا يفعله في يومه أو أسبوعه.

بإمكان هذه "الكلمات" أن تتغير من فترة لفترة.

أنت طيار حين تطير وكاتب حين تكتب ورسام حين ترسم ومهندس حين تصمم.. وفي سحابتك تتبدّل هذه الكلمات وتظهر وتختفي وتندمج وفقًا للمرحلة التي تمر بها.

قد تصمد بعض الكلمات لسنوات وربما لعمر كامل، وقد تظهر وتختفي ثم تعود من جديد مثل حب قديم.

ماذا لو نجحنا في القفز والطيران فوق "الكلمة الواحدة" و"الوصف الواحد" لحياتنا؟

نحن كائنات مبدعة، نحن من صنعنا الكلمات، والعالم مليء بالمغامرات التي تنتظر اكتشافنا لها.

محمد الضبع

للتواصل والاستشارات:

© 2024 محمد الضبع

محمد الضبع

للتواصل والاستشارات:

© 2024 محمد الضبع