الكتابة تشبه النور الذي يتبعك ويمكّنك من سرد قصة حياتك، ويكشف لك عن دربك.
إن نجحت في الكتابة اليوميّة ستتطوّر أفكارك بسرعة مذهلة.
سيعثر عليك أشخاص لم تتخيّل الحديث معهم، وستصل كلماتك إلى أماكن بعيدة.
المذهل في الكتابة أنها نافذة إلى عالم مُتخيّل، قد يتحوّل إلى حقيقة إن تمسّكت بها.
سأطلعك على سر الالتزام بعادة الكتابة اليوميّة:
لا تبدأ من صفحة فارغة.
وميض مؤشر النص في مستند فارغ هو عدوّك الأول.
هذه خمس خطوات ستساعدك على بناء عادة الكتابة اليوميّة:

1# اعرف نفسك: مَن أنت؟ ما هي أحلامك؟
لم ينقش أهل دلفي هذه الجملة "اعرف نفسك" على جدران معبد أبولو اليوناني القديم دون سبب. إنها الخطوة الأولى لتغيير السلوك، وتحديد الطريقة والوُجهة في هذا العالم الفسيح.
طريق الكتابة طويل، إن أردت الاستمرار عليه، ستحتاج إلى معرفة عميقة بنفسك وأسبابك التي تدفعك للكتابة.
اسأل نفسك: "مَن أنا؟" إن كانت الإجابة: "كاتب." فأنت على الطريق الصحيح لبناء عادة الكتابة اليوميّة.
تذكر: الهدف ليس كتابة نص واحد، بل جعل الكتابة جزءًا من حياتك.

2# حدّد الوقت، المكان، والوسيلة: لا تترك هذه التفاصيل للمصادفة.
هناك عشرات الأسباب التي ستدفعك لترك الكتابة:
- مكالمة وردتك من العمل
- رسالة من صديق
- دعوة إلى مناسبة اجتماعية
تطول قائمة الأسباب التي ستعترض طريقك وأنت تكتب، لذلك عليك الاستعداد لها بتحديد تفاصيل عملية الكتابة:
- وقت الكتابة: ساعات الصباح الباكر هي أفضل أوقات الكتابة (باستثناء شهر رمضان ربما)، لأنها الفترة التي:
1. يستيقظ فيها عقلك بصفاء وقدرة على الابتكار (على افتراض أنك خلدت للنوم بعمق في الليل).
2. ينام فيها أغلب الناس وتقل فرص مقاطعتهم لك.
رغم تحيّزي وتفضيلي للكتابة في الصباح إلا أن بعض أشهر الكتّاب مثل فرانز كافكا كانوا يكتبون في المساء ويسهرون الليل. بإمكانك اختيار الوقت المناسب لك، المهم أن تجعله ثابتًا لتتمكن من التعوّد عليه والالتزام به.
- مكان الكتابة: ابحث عن ركن مناسب في منزلك وابذل بعض الجهد في إعداده، تخلّص من الملهيات حولك (خاصةً هاتفك)، وضع بعض الكتب قربك إن احتجت للقراءة واستحضار الإلهام.
- وسيلة الكتابة: استعن بجهاز قديم لا يتصل بالإنترنت للكتابة، أو اكتب في مفكرة ورقيّة تحبها. اختر الوسيلة المناسبة لك. المهم أن تقلّل من احتمالات تعرّضك لما يلهيك ويشغلك عن الكتابة.
3# لا تبدأ من صفحة فارغة.
صعوبة الكتابة لا تكمن في العثور على الكلمات أو القدرة على صياغتها، بل في تحديد الفكرة واختيارها من بين عشرات الأفكار الأخرى.
الكتابة عملية تفكير واختيار مستمر، أما وضع الكلمات على الصفحة فهو مجرد نقل لها من عقلك إلى الورق.
لذلك عليك قضاء معظم وقتك في التفكير وإعداد الصفحة.
إليك هذه الخطوات لمساعدتك على البدء في إعداد الصفحة:
- قرر ما ستكتب عنه في الليلة التي تسبق الكتابة: جلوسك أمام صفحة فارغة دون فكرة محددة تريد الكتابة عنها هو أخطر ما يمكن أن يحدث لك. إنه فخ كلاسيكي يقع فيه الكثير من الكُتّاب وينتهي غالبًا بخيبة أمل وساعات مهدرة دون نتيجة.
العقل البشري آلة لا تتوقف عن العمل، كل ما عليك فعله هو زرع فكرة فيه ثم تركها لتختمر. ستستيقظ في الصباح وستتفاجأ من قدرتك على الكتابة بطلاقة.
- اكتب العنوان أولًا: كتابتك للعنوان في البداية ستُرغمك على "تحديد" الفكرة، وإلا ستجد نفسك تتجوّل في مساحات شاسعة من الأفكار التي لا يمكن القبض عليها.
- قسّم الصفحة إلى عدة أقسام ملائمة لفكرتك: تقسيم الصفحة يعتمد على نوع النص. قد لا تحتاج إلى هذا التقسيم حين تكتب قصيدة، ولكنه ضروري لأغلب أنواع الكتابة الأخرى.
4# لا تكترث لعدد الكلمات.
الروائي الأمريكي الشهير إرنست همنغواي كان يكتب 500 كلمة فقط كلّ يوم.
بإمكانك البدء بكتابة عدة أسطر في اليوم. لا حاجة لمنافسة كبار الكتّاب في عدد الصفحات أو الدخول في ماراثونات قد تُحبطك لتتوقف عن الكتابة بعد عدة أيام.
ستأتيك أيام من التفكير المستمر ولن تكتب فيها سوى عدد قليل من الجمل، وستأتيك أيام أخرى من الكتابة المستمرة لتملأ الصفحات دون توقف.
5# انضم إلى مجتمع مئة يوم من الكتابة.
هنا ستجد رابط الانضمام إلى المجتمع. هدفنا في المجتمع مساعدة الكتّاب على تجاوز عقبات الكتابة والالتزام بالإنتاج والنشر رغم كل الظروف.
تهانينا، لقد وصلت إلى نهاية دورة فن الكتابة في العالم الرقمي. أتطلّع لرؤية نصوصك والترحيب بك في مجتمع الكتابة.