هل سيكتب أحد في عام 2084؟

محمد الضبع

محمد الضبع

1 - فبراير - 2025

1 - فبراير - 2025

1 - فبراير - 2025

📬 دورة بريديّة مجانيّة
لإتقان فن الكتابة في العالم الرقمي، وبناء قاعدة من القرّاء الأوفياء.

📬 دورة بريديّة مجانيّة
لإتقان فن الكتابة في العالم الرقمي.

الكتابة هي التفكير الواضح. 

مَن يتدرّب على الكتابة باستمرار، سينجح في مضاعفة تفكيره، ولا يمكن لأيّ نشاط يومي آخر مضاهاة ما تُحدثه الكتابة لعقلك، ولا يمكنك المقارنة بين عقل مَن يكتب وعقل مَن لا يكتب. 

حين يسألك أحدهم عن جدوى الكتابة اليوم، اطرح عليه هذا السؤال: هل تريد حفظ قدرتك على التفكير؟ أم أنك مستعد لاستئجار عقول أخرى لتفكّر نيابة عنك؟

أصبحت هواتفنا اليوم تقترح علينا الجمل والكلمات التي نستخدمها للتواصل بيننا، وكأننا نسير في طريق محدّد لا نستطيع الخروج عنه. ماذا سيحدث لعقولنا بعد عقود من تعطيلها؟ وكيف سنتطوّر إذا تركنا الكتابة وسلّمناها للآلات؟

هل سيكتب أحد في عام 2084؟

في عام 2084 سيقوم الذكاء الاصطناعي بإنتاج أغلب النصوص التي تُكتب في العالم. ستصبح اللغة قوالب وأيقونات يمكننا الاختيار منها لتقوم الآلات بالكتابة عنّا وإرسال رسائلنا ثم قراءتها علينا. سيتطوّر مع كل فرد منّا نموذج لغوي محفوظ في ذاكرة حسابه الرقمي. سيتحدّث هذا النموذج اللغوي عنه، ويكتب رسائله إلى أصدقائه وعائلته، ويدوّن يوميّاته، وأعماله الأدبيّة المزيّفة، وربما وصيّته قبل موته.    


في عام 2084 ستصبح الكتابة رياضة ذهنيّة نادرة أشبه بلعب الشطرنج أو النرد. ستُحافظ نسبة قليلة من البشر على مهارة الكتابة وتصبح طبقة أخرى في المجتمع، يبرع أفرادها في التفكير، ويجيدون الحديث بطلاقة، والتعبير عن أكثر الأفكار تعقيدًا بلغة مذهلة ومتفوّقة. سينظر لهم البقيّة على أنهم أبطال أولمبيون في التفكير. سيتحدثون عن التزامهم بهذه العادة الغريبة والمرهقة، سيقولون أنهم ورثوها عن سلالة منقرضة من الكتّاب، والشعراء، والحكّائين. سيُنظر إليهم بتقديس وإجلال وستسجّل الأفلام الوثائقيّة لرصد حياتهم ويومياتهم الغامضة. سيحتفظ القليل منهم بدفاتر ورثوها عن أجدادهم. وسيكتبون عليها حتى تنتهي أوراقها، وسيحزنون لأن مصانع الورق قد اختفت منذ عقود. 

ولانعدام قدرة الشعوب على التفكير، سيلتفت العالم إلى أبطال رياضة الكتابة، وسينتظر توليدهم لأفكار جديدة كل شهر، لدفع عجلة تقدّم البشريّة إلى الأمام. سيقسّمون وقتهم بين المشاركة في اجتماعات بلدة المدينة لاقتراح حلول لمشكلات المواطنين، وبين تعليم الأطفال الكتابة لحفظها من الضياع. 

سيُدعون إلى مؤتمرات العالم للحديث عن مستقبل التفكير على كوكب الأرض، وكيف يمكن نقل هذه المهارة المذهلة إلى المريخ. سيقرّرون أشكال اللغات الجديدة، ويرسمون الخطط للإجابة على أسئلة مثل: هل سيتحدث البشر في المستقبل لغة واحدة؟


في عام 2084 سيتغيّر شكل العالم، ولكن حاجتنا لابتكار أفكار جديدة وامتلاك القدرة على الاختيار لن تتغيّر.

لذلك هذه رسالتي إلى كل مَن يفكّر في الكتابة: 

إذا كنت تتردد في الكتابة لظنك أنك لا تملك المفردات الكافية، أو الأفكار، أو الوقت، الحقيقة هي أنك لم تدرك المقصد من الكتابة. 

الكتابة ليست عملًا فنيًا تقدمه للعالم من أوّل محاولة، ولا هي موهبة يحتكرها عدد محدود من البشر، بل أشبه بالنادي الرياضي الذي تدخله لصحّة عقلك ومضاعفة تفكيرك، وبإمكانك تحويله يومًا ما إلى نصوص متفوّقة إذا أردت. 

محمد الضبع

للتواصل والاستشارات:

© 2024 محمد الضبع

محمد الضبع

للتواصل والاستشارات:

© 2024 محمد الضبع