بعد إطلاقي لـ 3 نشرات بريدية في السنوات العشر الماضية، والتزامي بالكتابة والنشر فيها، وصلت إلى نتيجة واحدة أريد إخبارك بها:
على كل كاتب (جاد بشأن الكتابة) تأسيس نشرة بريدية.
ولا أقصد هنا الكاتب الأدبي فقط، بل كل مَن يكتب وينشر نصوصه أيًا كان قالبها وموضوعها.
الكتابة أداة مذهلة بإمكانها صقل ذهنك وإيصال أفكارك إلى الآلاف وربما الملايين من القرّاء.
والطريقة الجديدة في الكتابة تدفعك إلى نشر النصوص باستمرار وتلقي الإشارات من محيطك.
أيًا كان هدفك: إن كنت تريد تأليف كتاب، أو تأسيس شركة ناشئة، أو نقل خبراتك وتدريب مجتمعك، أو حتى تحصيل دخل ثابت من الكتابة، كل هذه الأهداف تبدأ بذرةُ تحقيقها بالالتزام بالكتابة.
هذه 5 أسباب تدفع كل كاتب (جاد بشأن الكتابة) لتأسيس نشرة بريدية:
1# النشرة البريدية تنقذك من عشوائية خوارزميات وسائل التواصل.
جميعنا نعرف هذه اللحظة التي يتبخّر فيها نص تعبنا على كتابته وتحريره ونشره في صفحات وسائل التواصل، ليغيب بين مئات المنشورات ويتلاشى.
امتلاكك لنشرة بريدية سيمنحك خط تواصل مباشر مع قرّائك ويوصلك إلى صناديق بريدهم، دون حاجة للاعتماد على خوارزميات وسائل التواصل التي تتغيّر باستمرار.
قائمتك البريدية هي أصل مهم عليك الاعتناء به والحفاظ عليه، وإن توقفت عن الكتابة لأشهر أو لسنوات، بإمكانك العودة لاستكمال إرسال أعداد نشرتك دون حاجتك للبدء من الصفر.
2# النشرة البريدية تحميك من إصدار كتاب لن يقرأه أحد.
نشرك للنصوص باستمرار هو طريقك لتأليف كتابك برشاقة وأمام الملأ.
بدلًا من نشرك لكتاب "تظن" أنه سيُنتشر ويؤثر، ثم تكتشف عدم اهتمام القرّاء به، لتبدأ بعدها بحثك عنهم ومحاولة تسويقه لهم.
تمكّنك النشرة من جذب القرّاء أولًا، ومعرفة آرائهم، ثم كتابة الكتاب المناسب لهم.
لم تعد دور النشر في العالم تمنح الكتّاب عقودًا لنشر كتبهم إن لم يكونوا قد نجحوا في جذب القرّاء إلى قوائمهم البريديّة.
جيمس كلير صاحب كتاب (عادات ذريّة) لم يتمكّن من إقناع دار بنغوين لنشر كتابه إلا بعد كتابته في نشرته لثلاثة أعوام، وجمعه لأكثر من 100 ألف قارئ في قائمته البريدية.
مارك مانسون أيضًا صاحب كتاب (فن اللامبالاة) تبع الطريق ذاته.
ستحميك نشرتك البريدية من إصدار كتّاب لن يقرأه أحد.
بعد كل نشرة ترسلها ستصلك إشارات واضحة من قرّائك، وستعرف ردود أفعالهم باستمرار دون الحاجة للمخاطرة وصبّ كامل جهدك في كتاب لا تعرف إن كان سيكترث له أحد.
3# النشرة البريدية هي خطوتك الأولى لتحقيق مصدر دخل ثابت من الكتابة.
مهمتك في النشرة البريدية هو العثور على المنطقة المشتركة بين دائرتين:
ما تحب الكتابة عنه.
ما يحب قرّاء نشرتك تلقيه.

النشرة ليست دفتر يوميات بإمكانك كتابة كل أفكارك فيه دون انتباه لتوقعات القرّاء وما يبحثون عنه، بل رحلة مشتركة بينك وبينهم، وحوار مستمر يتطوّر ويتغيّر مع مرور الوقت حين تنتقل من مرحلة إلى أخرى في حياتك معهم.
بدأت أول نشرة بريدية لي (معطف فوق سرير العالم) قبل أكثر من 10 سنوات وكنت أترجم فيها كل أسبوع، ثم بعد سنوات أطلقت نشرة (رسالة السبت) وانتقل معي العديد من قرّاء النشرة الأولى، ثم حدث الأمر ذاته في النشرة الجديدة (مئة يوم من الكتابة) لتعليم فن الكتابة والالتزام بها.
عثورك على المنطقة المشتركة بينك وبين قرّائك وتحديدك للقيمة التي يبحثون عنها سيمنحك قاعدة قوية لبناء مصدر دخل ثابت من الكتابة في المستقبل.
امتلاكك لقناة التواصل بينك وبين قرّائك سيمكّنك من اكتشاف احتياجاتهم ومساعدتهم على تحقيق أهدافهم.
هناك حالات استثنائية ونادرة ينجح فيها أكثر الكتّاب مبيعًا في العالم للوصول إلى القرّاء دون نشرات بريدية، ولكن هذا النموذج لم يعد صالحًا ولا مستدامًا في المستقبل.
4# النشرة البريدية ترفع من إنتاجيّتك.
التزامك بكتابة نشرة بريدية سيرفع من إنتاجيّتك في الكتابة.
لن تصبح الكتابة عملًا مزاجيًا أو إلهامًا تنتظره، بل موعدًا يجب الالتزام به. هذا النظام المتكرر هو ما يحتاجه الكاتب ليتمكن من تحدي نفسه في كل مرة يقترب فيها موعد إرسال النشرة البريدية.
الالتزام بموعد نشر محدد ومتكرّر هو أفضل طريقة لتجاوز عقبات الكتابة.
بإمكانك البدء بالالتزام بنشرة يومية قصيرة وموجزة أو بنشرة أسبوعية أو حتى شهرية. المهم هو تحديدك للموضوع الذي تريد الكتابة فيه والرحلة التي تريد توثيقها لقارئ محدّد سيصحبك لتصل إلى أماكن لم تتخيّلها من قبل.
شعورك بالمسؤولية تجاه هذا القارئ سيضاعف من إنتاجيّتك ويوصلك إلى كتابة نصوص جديدة في كل نشرة.
5# النشرة البريدية تحسّن من جودة كتابتك.
ما سر حبنا لقراءة رسائل الأدباء وكبار الكتّاب؟ ما السبب الذي يجعل هذه الرسائل مؤثرة ومُلهمة؟
لأنها كُتبت إلى شخص واحد.
الكتابة لشخص واحد تعني اتصالك العميق بحواسك، وقدرتك على سرد القصص الصادقة والمتخيّلة لإنسان يجلس أمامك، حذفك لكل ما هو إضافي وزائد، وانتقالك برشاقة بين الأحداث التي ستُدهش وتُلهم وتثير فضول قارئك.
القارئ يبحث عن التفاصيل، عن الأسماء، عن المعلومات السريّة، وعن رأي الكاتب القوي وشخصيّته الطاغية.
كتابتك للنشرة البريدية سيجعلك تفكر في قارئ واحد تكتب له وستصبح كتابتك متفوّقة ومؤثرة وستتخلّص من الألفاظ الفارغة والتراكيب المعلّبة، لأنك تعرف أن هناك شخصًا محددًا سيقرأ ما تكتبه وسيفكر فيه حين ترسل له النشرة.