قواعد جورج أورويل للتخلّص من عادات الكتابة السيئة

محمد الضبع

محمد الضبع

25 - مايو - 2024

25 - مايو - 2024

25 - مايو - 2024

📬 دورة بريديّة مجانيّة
لإتقان فن الكتابة في العالم الرقمي، وبناء قاعدة من القرّاء الأوفياء.

📬 دورة بريديّة مجانيّة
لإتقان فن الكتابة في العالم الرقمي.

عالمنا مليء بالكتابة الميتة، المملّة، التي كُتبت بهدف طرد القارئ، وإصابته بالضجر والنعاس، بل وإخفاء الحقيقة عنه.

نجدها في بنود سياسات الخصوصيّة، مستندات قروض البنوك، اشتراكات باقات الإنترنت، وعقود الأندية الرياضيّة المُجحفة.

في عالم الأعمال حين تُكتب رسائل المستثمرين، وخطابات شركات الاتصالات المشفّرة إلينا نحن العملاء المتعبون.

في الرسائل البريدية لأقسام خدمة العملاء، للتنصّل من الالتزامات القانونيّة، لخداع المشتركين والتشكيك في قدرتهم على الفهم، وصفاء عقولهم وسلامة منطقهم.

قراءتك لنص لا تفهمه هي علامة خطر كبير، وجرس إنذار عليك الانتباه له.

"هذا الأمر جزء لا يتجزّأ.."

"وإنه على نحو مؤكد.."

"وهذه مسألة بالغة الأهمية.."

"وفي اللحظة الراهنة.."

"وتلك معلومة سوف نتوصّل لها عن طريق إخطارنا.."

كل هذه الجمل تصيب عقلك بالحيرة والجمود، لأنها صُمّمت لتشتيت انتباهك عن الحقيقة وإصابتك بالملل.

تمتلئ صحفنا ومنشوراتنا بهذه الكلمات غير الضرورية والتي لا معنى لها.

وهدفها الأوّل: إعفاء كاتبها من مهمة التفكير وإعمال عقله وتوضيح أفكاره، وإرغامك أنت القارئ المشغول والمُتعب على خوض معركة الفهم بمفردك، حتى تتوقّف عن القراءة وتترك كاتب النص وشأنه.

تظهر هذه اللغة المنمّقة في الخطابات السياسيّة والإدارية، لإخفاء الحقيقة عن العالم، قبل التورّط في حرب غير مبرّرة، أو الاستعداد لاتخاذ قرار إداري ظالم.

عندها يصبح نهب المزارع وطرد الفلاحين من منازلهم "تصحيحًا للحدود"، وطرد آلاف الموظفين من وظائفهم "إجراءً لرفع كفاءة الشركة".

تظهر اللغة المنمّقة والمعلّبة لأحد سببين:

1. عدم وضوح فكرة الكاتب في عقله.

يحاول كاتب هذه النصوص إخفاء جهله وحماية نفسه عن طريق الاختباء وراء الكلمات الرنّانة، ويلقي على القارئ بمسؤولية الفهم، رغم أن الكاتب نفسه لم يحدّد فكرته، ولا يعرف دلالتها ولا نتائجها في العالم الحقيقي.

2. إخفاء الحقيقة والتلاعب بها، والتستّر على الأخطاء.

حين تحدث الأخطاء، يعود كتّاب الخطابات السياسيّة، وموظفو أقسام العلاقات العامة إلى ذخيرتهم من الجمل والتراكيب التي كُتبت بحذر لخلق سحابة من التشويش في ذهن كل مَن يسمعها بهدف إخفاء الحقيقة، وإعفائهم من المسؤولية.

وإن أحسنا الظن، فإن الغموض في الكتابة يدل على جهل صاحبه، وضعف تفكيره.

العلاقة بين الغموض في الكتابة وبين الجهد العقلي للكاتب علاقة عكسيّة.

كلما ارتفع الغموض غير المبرر في النص، انخفض الجهد العقلي الذي بذله كاتبه، والعكس صحيح.

للتخلّص من عادات الكتابة السيئة ونفايات الكلام ينصح جورج أورويل باتباع هذه القواعد الست:

1# لا تستخدم استعارة أو جملة فقط لأنك قرأتها في صحيفة أو تقرير منشور.

2# لا تستخدم كلمة طويلة إذا كانت الكلمة القصيرة تفي بالغرض.

3# إذا استطعت حذف كلمة من جملتك -دون الإخلال بالمعنى- فاحذفها فورًا.

4# إذا استطعت الكتابة بضمير المتكلم، فلا تكتب بضمير مبني للمجهول.

5# لا تستخدم عبارة أجنبية أو كلمة علمية إذا كان بإمكانك التفكير في معادلها في لغتك اليوميّة.

6# اكسر هذه القواعد قبل كتابتك لجملة همجية منمّقة تُشعر القارئ بالضجر، ولا تعرف مقصدك منها.

يؤمن جورج أورويل أن التقليد الأعمى هو سبب ظهور الكتابة السيئة، وأن على الكاتب الدقيق طرح هذه الأسئلة على نفسه واختبار كل جُملة بعد كتابتها:

- ما معنى هذه الجملة؟

- ما الكلمات التي ستعبّر عن المعنى فيها؟

- ما هي الصورة أو المصطلح الذي يساعد على إيضاح المعنى؟

- هل ستؤثر هذه الصورة أو التشبيه في القارئ؟

- هل يمكن جعل الجملة أقصر؟

- هل توجد كلمات قبيحة يمكن حذفها؟

خلال كتابتي لهذا النص، عُدت لحذف أكثر من خمسين كلمة لا حاجة لها، وما زال النص يتسع للكثير من الحذف.

الكتابة تفكير مستمر وعمل ذهني لا ينتهي، وإدراكنا لهذه الحقيقة هو الخطوة الأولى لكتابة نصوص لا تكذب علينا ولا تخدعنا.

محمد الضبع

للتواصل والاستشارات:

© 2024 محمد الضبع

محمد الضبع

للتواصل والاستشارات:

© 2024 محمد الضبع