هناك دائمًا سبب يمنعك من الكتابة.

ضيق الوقت، كثرة الأعمال، غياب الإلهام، وربما المرض أو قلّة المال.

قائمة الأسباب التي ستقف في طريقك لمنعك من الكتابة طويلة ولا تنتهي.

ربما تندهش إن عرفت أن كتّابك المفضلين عانوا من هذه العقبات أيضًا. وفشلوا في التعامل معها، حتى أن بعضهم كاد أن يتوقف عن كتابة أعظم أعمالهم بسببها.

هذه أربع عقبات كادت أن تحرمنا من روائع أشهر الكتّاب:

1# المناسبات الاجتماعية: ڤيكتور هوغو

الكاتب: ڤيكتور هوغو

العقبة: حضور المناسبات الاجتماعيّة والحفلات

حين كان ڤيكتور هوغو يكتب روايته الشهيرة "أحدب نوتردام" في بدايات القرن التاسع عشر، كانت فرنسا وباريس تحديدًا تضج بالحياة وتمر بنهضة ثقافية وفكرية لم يشهد لها العالم مثيلًا.

لم يستطع هوغو التركيز على الكتابة بسبب انشغاله بالمناسبات الاجتماعية والحفلات الأدبية التي كان يُدعى لها باستمرار، وبعد مرور سنة كاملة على موعد تسليم الرواية إلى الناشر، أمره ناشره بتسليم المخطوطة خلال ستة أشهر أو دفع غرامة ماليّة كبيرة بسبب التأخير.

وماذا فعل هوغو؟

قرر أخذ كل ملابسه الرسمية التي كان يرتديها لحضور المناسبات الاجتماعية والحفلات ليغلق عليها في خزانة ويخفي مفتاحها حتى لا يفكر في حضور أيّ مناسبة تشغله عن الكتابة. لم يكن لديه سوى وشاح محبوك يرتديه إن كان يريد الخروج في حالات الضرورة القصوى.

نجحت خطة هوغو بحجر نفسه وتمكن من إنهاء إحدى أروع الروايات في التاريخ "أحدب نوتردام" خلال ستة أشهر من الكتابة اليوميّة.

2# المرض، الفقر، الغربة، والسجن: تشارلز بوكوفسكي

الكاتب: تشارلز بوكوفسكي

العقبة: المرض، الفقر، الغربة، والسجن

وصل بوكوفسكي في طفولته من ألمانيا مهاجرًا مع عائلته ليستقر في أمريكا ويكتشف العالم الجديد.

بسبب لهجته الألمانية الثقيلة والملابس الغريبة التي أجبره والداه على ارتدائها، تعرّض بوكوفسكي الصغير للسخرية الشديدة من الأطفال في المدرسة. لم يكن والده أكثر رحمة أو لطفًا معه، بل كان يضربه بشفرة الحلاقة، ثم أصيب بعدها بوكوفسكي بمرض جلدي في مراهقته، واستمرت المشكلات والمصائب في العثور عليه: تعرض للسجن بعد الاشتباه في تهرّبه من التجنيد، وحاول الانتحار بموقد غاز، ثم وتوقف عن الكتابة لعشر سنوات كاملة بسبب كل ما حدث له.

هذه أسباب منطقية ومقنعة للتوقف عن الكتابة. والمعجزة تكمن في قدرة بوكوفسكي على تخطي كل هذه العقبات، وكتابة أكثر من 60 كتابًا خلال مسيرته الأدبية.

3# المصحّة النفسية، والسجن: باولو كويلو

الكاتب: باولو كويلو

العقبة: دخوله إلى مصحة نفسية ثم تعرّضه للسجن

في مراهقته اصطدمت أحلام باولو كويلو الصغير بعدة عقبات: أرسله والداه إلى مصحة عقلية بسبب إصراره على الكتابة وهو في السابعة عشرة من عمره. حاول باولو الهرب من المصحة عدة مرات وتحمّل العلاج بالصدمات الكهربائية ولم يتخلى عن حلم الكتابة.

خرج من تلك المصحة وهو في العشرين من عمره، ثم التحق بكلية الحقوق في محاولة لإرضاء والديه، إلا أنه لم يستطع الاستمرار وترك الدراسة بعد سنة واحدة ليبدأ رحلة طويلة من السفر والحياة البوهيمية والكتابة.

اعتُقل عدة مرات على يد الحكومة العسكرية في البرازيل في تلك الفترة، وحاول الهروب من الاعتقال عدة مرات.

في النهاية وصل صوته الكتابي إلى قمّته بنشره لرواية "الخيميائي" سنة 1988، وتحققت أحلام باولو الصغير رغم كل ما حدث له.

4# الديون: غابرييل غارسيّا ماركيز

الكاتب: غابرييل غارسيّا ماركيز

العقبة: الديون

في الثمانية عشر شهرًا التي سبقت إنهاءه لرائعة الأدب العالمي "مئة عام من العزلة" ترك ماركيز وظيفته، حبس نفسه في غرفته والتزم بالكتابة اليوميّة.

تراكمت الديون عليه في تلك الأشهر، تخلّف عن دفع أجر منزله، باع سيارته، ورهن مجوهرات زوجته وآلته الكاتبة، وعاش على كرم أصدقائه.

ثم انتهى من الرواية التي آمن أنها ستغيّر حياته، حاول إرسالها إلى ناشر في الأرجنتين ولكنه لم يملك المال لدفع تكاليف رسالة البريد. استمر ماركيز في رهن المزيد من ممتلكاته لإرسال هذه المسودة.

بلغت ديونه بعد إرساله لمسودة الرواية 10 آلاف دولار، وبعد نشرها بيعت 8 آلاف نسخة منها في أسبوع واحد، ثم نصف مليون نسخة في السنوات الثلاث الأولى من نشرها.

وهكذا اكتشف العالمُ قدرات غابرييل غارسيا ماركيز الساحرة ولم يتوقف عن الكتابة حتى وفاته.