دليل المبتدئين في الكتابة: 10 أركان يحتاجها كل نص ليدهش القرّاء

محمد الضبع

محمد الضبع

20 - يوليو - 2024

20 - يوليو - 2024

20 - يوليو - 2024

📬 دورة بريديّة مجانيّة
لإتقان فن الكتابة في العالم الرقمي، وبناء قاعدة من القرّاء الأوفياء.

📬 دورة بريديّة مجانيّة
لإتقان فن الكتابة في العالم الرقمي.

الكتابة. هذه الكلمة السحرية التي تدهشنا في كل مرة نقرأ فيها قصيدة حب، أو رواية عن عالم خرافي بعيد.

ماذا يدور في عقول الكتّاب حين يكتبون؟

هل استخدم غابرييل غارسيا ماركيز الأدوات ذاتها التي كتب بها المتنبي قصائده قبل ألف عام؟

وهل اكتشف الجاحظ مكوّناتٍ سحرية لم يعرفها كتّاب الإلياذة والأوديسة؟

ماذا عن محمود درويش؟ أو ويليام شكسبير؟

هل تتشابه الخطوات التي قادتهم إلى أعظم أعمالهم؟

إن كتبتَ مقالًا عن علم الحشرات، أو قصةً متخيّلة عن سقوط إمبراطوريّة بائدة، ستَرتَكِز كتابتك على أركان ثابتة عرفها وأتقنها الكتّاب منذ آلاف السنين.

تحدّثتُ مع أكثر من مئة كاتب، وقضيت شهورًا طويلة وأنا أفكر وأبحث لحصر هذه الأركان لمساعدة الكتّاب المبتدئين على الوصول إلى نصوصهم الأولى وكسر خرافات انتظار الإلهام والتردّد.


دليل المبتدئين في الكتابة: 10 أركان يحتاجها كل نص ليدهش القرّاء

1. القالب.

الركن الأول الذي يحتاجه نصك هو تحديد قالبه.

هل ستكتب قصة؟ أم قصيدة؟ أم مقالًا؟ هل ستكتب عن أحداث حقيقية أم متخيّلة؟

منذ آلاف السنين والكتّاب يختارون قوالب الكتابة، ويلتزمون بقوانينها، مهما بلغت درجة إبداعهم وخروجهم عن المألوف.

قالب الكتابة أشبه بمركّب كيميائي له مكوّناته التي عليك البحث عنها وجمعها، ثم إتقان مزجها بترتيب محدّد وتحويلها إلى نصوص مُتقنة.

الخطأ الذي يقع فيه المبتدئون في الكتابة هو رغبتهم في كتابة "نص حر" أو "خاطرة" تتحرّر من قوالب الكتابة، فيبدأ النص بالضياع، ويسقط في الاستخدامات المبتذلة، ويعوم دون هدف.

إن أخبرك أحدهم أنه يريد صُنع "مركبة"، من الطبيعي أن تسأله: هل ستصنع دراجة؟ أم سيارة؟ أم طائرة؟

هنالك استثناءات لهذه القاعدة، وقد ننتظر لمئات السنين قبل ظهور أحدها. حدث الاستثناء حين ابتكر سرفانتس قالب الرواية بكتابته لـ دون كيشوت، وحين ابتكر تشارلز بودلير قصيدة النثر بإصداره لديوانه أزهار الشر.

أمّا إن كنت مبتدئًا في الكتابة، فاختر قالبًا لنصك، وأتقنه قبل التفكير في الخروج عنه.

2. الموضوع.

لكل نص مكتوب موضوع واحد على الأقل. هل ستكتب قصة متخيّلة تدور أحداثها في مستشفى للأطفال؟ أو عن رحلة لفريق من علماء النباتات إلى المريخ؟ أو عن سطو جماعة من الفنانين على بنك مركزي؟

هنا ستبدأ في معرفة المواضيع التي سيدور نصك حولها:

- مستشفيات الأطفال

- علم النباتات

- الحياة على المريخ

- حركات الفن المعاصرة

- بروتوكولات الأمن في البنوك المركزيّة

تحديدك للموضوع ومعرفتك به ركن مهم من أركان نصك. لا تختر موضوعًا لا تعرفه ولست مستعدًا للتعمّق فيه وتعلّمه.

الكتّاب البارعون يختارون موضوعات يعرفونها جيّدًا ولهم تجارب عميقة فيها:

- كتب ليو تولستوي الحرب والسلام بعد تجربة تجنيده في حرب القرم بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانيّة.

- كتب آرثر تشارلز كلارك رواية الخيال العلمي 2001: ملحمة الفضاء بعد دراسته للفيزياء والرياضيات في كلية الملك في لندن وعمله في الحرب العالمية الثانية على تقنيات الرادار في سلاح الجو الملكي البريطاني.

3. القارئ.

لمن ستكتب نصك؟ مَن الشخص الذي يبحث عن الإجابات في كلماتك؟ مَن القارئ الذي يمر بصعوبات تشبه ما تكتب عنه، وستفيده وتدهشه طريقتك في الوصف والشرح والسرد؟

خطأ آخر يقع فيه المبتدئون في الكتابة هو ظنهم أن النصوص العظيمة تُكتب للجميع، على العكس تمامًا:

- كتب أبو العلاء المعري رسالة الغفران ردًا على رسالة ابن القارح الذي جعل منه فارسًا يمتطي جواد رسالته الخيالية التي حاور فيها الشعراء والأدباء.

- كتبت ج.ك. رولينج قصة هاري بوتر في البداية للأطفال والمراهقين، ولم يقرأها البالغون إلا بعد انتشارها بين أبنائهم، ثم تحولت القصة إلى سلسلة من الكتب.

- كتب ف. سكوت. فيتزجيرالد روايته غاتسبي العظيم للقرّاء المهتمين بعصر الجاز والحلم الأمريكي، ولم تنتشر الرواية لتصبح عملًا مركزيًا في الأدب الأمريكي إلا بعد وفاته.

4. التجربة.

عليك العيش في العالم وخوض التجارب لكتابة نصوص رائعة. الكتابة هي توثيق لما تراه في حياتك.

مهما كانت نصوصك خياليّة أو عجائبيّة، فإن جذورها تأتي من قصتك ومن حياتك، وما تراه في رحلتك على هذا الكوكب.

عليك البدء بقصتك أنت، بمشاهداتك وتدويناتك، لجعل نصوصك مميزة وفريدة.

في زمن الذكاء الاصطناعي، وقدرة الآلات الهائلة على ابتكار اللغة والصور، لم يبقَ لديك سوى حقيقتك. حافظ عليها، وانقلها في نصوصك القادمة.

5. المعرفة.

كل فكرة تخطر لك قد طُرقت من قبل. كل الموضوعات التي ستتخيلها قد كُتبت ربما قبل ولادتك.

بعد تحديد موضوعك وقارئك وقصتك، عليك البدء بالبحث والقراءة في أعمال مَن سبقك.

اقرأ في العلوم، والفنون، والتاريخ، والآداب. اقرأ كل ما له صلة بفكرتك. اجمع الذخيرة اللازمة لتفهم ما قاله مَن سبقك، ثم تنجح في الكتابة من زاوية نظر جديدة.

ادرس فكرتك وموضوعك مثل باحث ومحقق مهووس.

6. المغزى.

لماذا تريد الكتابة عن هذه الفكرة؟ كيف ستُحدث كتابتك التغيير لدى قارئها؟

حتى أكثر النصوص عبثًا في الأدب كان وراءها مغزى ورسالة: مسرحيّة في انتظار غودو للكاتب صامويل بيكيت كان مغزاها وصف حالة الانتظار اللانهائي الذي تعيشه البشرية، وأهمية العلاقات بين البشر، ونقد الأنظمة الاجتماعية في الحياة المعاصرة.

عليك تحديد المغزى من كتابتك والتأمل في الطريقة التي سيُحدث فيها نصك التغيير في العالم. ما الرسالة وراءه، وكيف سيكون وقعها على القارئ؟

7. الأسلوب.

حين نُعجب بأسلوب كاتب أو روائي، ما نقصده هو أننا أُعجبنا برأيه وشخصيته التي عبّر عنها في كتابته.

الأسلوب ليس الكلمات الغريبة أو اللغة المعقدة، بل شخصيّتك التي تعبّر عنها بوضوح في نصك، وطاقتك التي تشرق على القارئ.

لذلك عليك إظهار طاقتك الإنسانيّة في كتابتك. تحدث عمّا تحب وتكره، أخبر القارئ بتجاربك وقصصك ولا تكتب مثل آلة لم يسبق لها العيش في العالم.

8. الوسيلة.

داخل كل قالب تكتب به عددٌ لا نهائي من الوسائل والطرق التي تستطيع استخدامها للكتابة.

أي وسيلة ستختار لكتابة نصك؟

هذه قائمة ببعض الوسائل التي يمكنك استخدامها لكتابة نصوصك:

- قصص من حياتك

- قصص من حياة أشخاص آخرين

- نصائح إلى ذاتك السابقة

- مصاعب وعقبات تجاوزتها

- أرقام وإحصاءات وتفسيرات

- ظواهر تستحق الدراسة

- دروس تعلمتها

- خطوات للإتقان

- أمثلة وشواهد على رأي أو فكرة

- أدوات

- مهارات

- صفات

- عادات يومية

- أخطاء

- أسئلة للتأمل أو للطرح

- أهداف

- تحديات

- أسباب

- فوائد

- خرافات

- مصادر

- اختراعات

- إحصاءات

- شخصيات

- تأملات

9. الصوت (والنبرة).

هل ستتحدث بصوت الراوي للأحداث؟ أم بصوت المتأمّل الحكيم؟ بصوت الخبير العارف بموضوعك؟ أم بصوت مثير الجدل صاحب الرأي الصاخب؟ أم ستتحدث بصوت صاحب البيانات والإحصاءات؟ أم ستتجوّل بعدسة تكشف المشاهد وتقترب من الشخصيات لتكشفها واحدة تلو الأخرى؟

كل نص تكتبه يقرّبك من بناء صوت متفرّد يميّزك عن غيرك من الكتّاب، ابحث عن مصادر قوّتك واصنع الصوت الأقرب لك.

بعد تحديدك للصوت، عليك تحديد نبرة النص: هل ستكتب نصًا متفائلًا مشحونًا بالطاقة؟ أم سوداويًا مظلمًا؟ كوميديًا؟ كابوسيًا على طريقة كافكا؟ حالمًا على طريقة الشعراء الرومانسيين؟ سريعًا بجمل قصيرة رشيقة ومثيرة للتوتر؟ أم بطيئة وممتدة تتكشّف فيها الأحداث بسرعة سلحفاة حكيمة؟

10. العنوان (والمطلع).

العنوان هو الوُجهة التي يقصدها نصك، وهو بوصلتك في الكتابة للاتجاه نحو الهدف الذي تريد الوصول إليه.

عدد قرّاء عنوانك أضعاف قرّاء نصك، لذلك عليك اختياره بحذر وجعله واضحًا يرحّب بالقرّاء.

أما المطلع فهو فرصتك الأولى، وربما الأخيرة لجذب انتباه القارئ.

إذا كان مطلعك مملًا أو غامضًا، فقد تخسر قارئك للأبد. مهمة الجملة الافتتاحية في نصك هي دفع القارئ لقراءة الجملة الثانية، ومهمة الجملة الثانية هي دفعه لقراءة الثالثة، وهكذا حتى نهاية النص.

محمد الضبع

للتواصل والاستشارات:

© 2024 محمد الضبع

محمد الضبع

للتواصل والاستشارات:

© 2024 محمد الضبع