2024 أوشكت على النهاية، وكما فعلت في العام الماضي، جلست لعدة ساعات هذا الأسبوع أفكر في كل الدروس التي تعلّمتها هذا العام.
بدأت بكتابة قائمة بأهم محطات 2024:
- التخرّج من ماجستير إدارة الأعمال.
- التخرّج ضمن الدفعة السابعة من برنامج مسك الانطلاق بعد بناء كتابة: أوّل منصة رقميّة اجتماعيّة للكتابة العربيّة والتي سترى النور قريبًا.
- الحفاظ على وعد رسالة السبت لعام كامل، ثم إطلاق موسمها الثاني.
- بناء مجتمع مئة يوم من الكتابة مع أكثر من 2,000 كاتبٍ وكاتبة.
- تأسيس نشرة بريديّة في تعليم فن الكتابة: نشرة مئة يوم من الكتابة.
- العمل على ترجمة روائع الأوركسترا السعوديّة في أكثر من محطة عالميّة.
- إطلاق النسخة التجريبيّة من اختبار الشخصية حُلم.
عند كل محطة من هذه المحطات تذكّرت فضل كل مَن ساعدني وساهم في وصولي إليها.
عام مليء بالنعم والقلوب الطيبة والعقول المُلهمة التي رافقتني، ولكنه مليء أيضًا بالأخطاء والمحاولات الفاشلة التي لا نتحدث عنها عادةً، لذلك أريد التوقف عندها وتأمّلها اليوم.
هنا 11 درسًا تعلّمته من أخطائي في 2024:
الدرس الأوّل: العطاء يفتح لك أبوابًا أكبر من تلك التي حاولت كسرها بالأخذ.
هوسك بالسؤال عن النتيجة المباشرة لجهدك قد يحرمك من عيش أجمل لحظات حياتك.
عالمنا المعاصر يدفعنا دائمًا للسؤال: ما الفائدة؟ لماذا عليّ بذل الجهد إذا لم أضمن النتيجة؟ ما العائد الذي سأجنيه بعد فترة زمنيّة محددة؟
هذا الهوس بالحساب سلب منّا القدرة على العمل في سبيل إنجاز مهمّة سامية وهدف كبير، وأفقدَنا صبرنا فلم نعد نُجيد فن العطاء.
ارتكبتُ هذا الخطأ مرات عديدة هذا العام، ثم أدركت هذا الدرس:
الأبواب التي حاولت كسرها بالشكوى والتذمر، ستُفتح لك على مصراعيها حين تبدأ بالعطاء.
الدرس الثاني: اعثر على مشكلة واحدة في العالم، وابذل سنواتٍ من حياتك لحلّها.
جميعنا نحب النتائج السريعة والانتصارات السهلة، ولكن الحقيقة هي أن ما يسهل الوصول إليه، يسهل تكراره ونسخه.
لن تصنع أثرًا حقيقيًا في العالم إلا بعد عملك على حل مشكلة واحدة لسنوات طويلة.
كيف تختار هذه المشكلة؟ الأمر يبدأ بك، عليك البحث عن إجابة عن هذه الأسئلة: مَن أنت؟ ما هي أحلامك؟ وما هي مهمّتك على هذا الكوكب؟ ثم اعثر على مجموعة من الأشخاص الذين تستطيع مساعدتهم على حل مشكلة حقيقية. هناك تبدأ رحلتك لترك أثر حقيقي وخالد في العالم.
الدرس الثالث: الكتابة أداة سحريّة لتخيّل المستقبل وصُنعه.
الكتابة أداة مُذهلة تمكّنك من التحدث بطلاقة، وتجعلك قادرًا على وصف أدق المشاعر الإنسانيّة، لمنح الآخرين لغة تصف ما يشعرون به ويعجزون عن نطقه.
عقل الكاتب لا يتوقّف عن التفكير، ويعمل باستمرار لفهم العالم، وإعادة سرد قصصه من زوايا جديدة وغير متوقعة.
لم أكن لأتأمّل دروس هذا العام لو لم أكتب هذه الكلمات. الكتابة تدرّبني على إعادة سرد قصتي لنفسي، ثم للآخرين مِن حولي. إنها تمرين مستمر على تأمّل الماضي وفهمه، وتخيّل المستقبل وصنعه.
جلوسك للكتابة كل يوم أو كل أسبوع سيجعلك تتحكّم في مصير أيامك، وسيمنحك الأدوات لكتابة قصتك بدلًا من عيشك دون قدرة على التحكّم فيما يحدث لك.
الكتابة هي نظام حيّ لتحويل أفكارك إلى مشاريع حقيقية. تمكّنك من تشييد رؤيتك، ورسالتك، وتدفعك للإنتاج والعمل، خاصة إذا كنت تعمل وحدك دون شركة أو فريق وتفتقد نظامًا يمكّنك من التقدّم إلى الأمام.
الدرس الرابع: لا تُبالغ في الاعتماد على طاقتك، لأنها ستنفد.
مهما بلغت قدرتك على العمل فإن طاقتك محدودة، لن تستطيع الركض دائمًا. ستأتيك أيام وربما أسابيع ستنفد فيها طاقتك ويخبو فيها نورك.
اصنع أنظمة تسندك إذا تعبت.
تعلّمت هذا الدرس حين أسّست مجتمع مئة يوم من الكتابة، في بداياته حين وضعت قيمه وثقافته وأصبحت نظامًا متكاملًا لكل مَن يريد الانضمام له والاستفادة منه.
تجاوز اليوم عدد كتّاب المجتمع 2,000 كاتب وكاتبة، وأصبح هذا النظام يتيح للجميع المساهمة فيه وإثراءه والاستفادة منه أيضًا.
الدرس الخامس: استخدم شغفك لخدمة الآخرين، وسيتحوّل إلى مهنة حقيقيّة.
بعضنا يبحث عن طريقة لتحويل شغفه إلى مهنة حقيقيّة تفتح له أبواب الفرص ليستمر في عمل يحبه ويتقنه.
السر يكمن في تغيير "وظيفة" الشغف: بدلًا من التركيز على نفسك، عليك توظيف هذا الشغف لخدمة الآخرين.
اللحظة التي تتمكّن فيها من حل مشكلة حقيقية لشخص ما وأنت تقوم بما تحب، هي اللحظة التي تنجح فيها في تحويل شغفك إلى مهنة حقيقيّة.
كل مَن نجحوا في تحويل شغفهم إلى عمل مستدام ابتكروا طرقًا لخدمة الآخرين وهم يمارسون شغفهم.
الدرس السادس: اكشف كل الأسرار التي تعلّمتها، ولا تخفِ منها شيئًا.
كتابتي لهذه النشرة هي تطبيق عملي لهذا الدرس. نشرك للعلم سيفيدك أنت قبل أيّ شخص آخر.
اكتشف أسلافك هذه الأسرار قبلك بزمن طويل، ونقلوها إليك، ومن واجبك الآن نقلها لمن سيأتي بعدك.
انتهى زمن التكتّم والخوف من تسريب أسرار فنٍ ما. لم يعد اكتناز المعلومات وإخفاؤها عن الآخرين طريقة مثمرة أو مفيدة.
حين تبدأ بالعطاء والشرح والكشف، ستعود لك كل هذه الطاقة أضعافًا في المستقبل. فكّر في العشرات والمئات من القرّاء الذين ستُلهمهم كلمات وتفيدهم دروسك.
الدرس السابع: لستَ البطل الوحيد في قصتك، حولك أبطال آخرون (لا تتجاهلهم).
فكرة البطل الواحد في القصص الكلاسيكية هي تبسيط سردي للأحداث، لنتمكن من حفظها وتداولها بيننا عبر الأجيال.
القصة الكاملة والحقيقية أكثر تعقيدًا، وبها العديد من الأبطال الذين ساهموا في جعل المستحيل ممكنًا. لذلك لا تقع في فخ غرورك، ولا تصدّق أنك البطل الوحيد في قصتك، هنالك العشرات من الأبطال والشخصيات التي تساهم في نجاحك كل يوم.
اشكرهم باستمرار. تذكّر أعمالهم. ردّ لهم الجميل، ولا تتوقّف عن الامتنان لهم.
الدرس الثامن: لا تخجل من إعلان أهدافك (سيعثر عليك مَن يساعدك على تحقيقها).
أكبر ما نخشاه هو الاعتراف برغبتنا في الوصول إلى هدف بعيد، ثم الفشل في الوصول إليه.
أغلب مخاوفنا غير منطقية، وهذا أحدها. لن يتذكر أحدٌ أهدافك، ولن يلاحقك أحد إذا لم تصل إليها، وفي المقابل قد يعثر عليك من يستطيع مساعدتك على تحقيقها إذا أعلنتها.
حين أعلنت عن عملي على تطوير منصة كتابة وشاركت في برنامج مسك الانطلاق، عثر عليّ العديد من أصحاب التجارب والخبراء وأفادوني بنصحهم ومشورتهم، لم تكن هذه المساعدة ممكنة لو أبقيت الأمر سرًا ولم أعلن عنه.
الدرس التاسع: لا تنتظر الإذن من أحد، لم يعد هناك حرّاس على الأبواب.
إذا أردت ابتكار عمل فني، أو تأسيس شركة ناشئة، أو كتابة ديوان من الشعر، ابدأ ولا تنتظر إذنًا أو إشارة خضراء من أحد.
أكاد أجزم أن المئة خطوة الأولى التي يمكنك القيام بها لا تتطلّب دعمًا ولا قبولًا من جهة أو مؤسسة.
من السهل الوقوع في فخ انتظار رسالة أو اتصال من شخص ما، أو مؤسسة مرموقة تخبرنا بأن الاختيار وقع علينا، وأن مشروعنا أو كتابنا أو قصتنا جديرة بالاهتمام والتبني، لكن الحقيقة هي أننا لسنا بحاجة لهذا الإذن.
لدينا اليوم كل الأدوات التي نحتاجها للبدء بالعمل والإنتاج، لامتلاك القرار والتعلّم من الرحلة.
الدرس العاشر: لا يوجد سر واحد للنجاح، بل المئات من الأسرار.
تحدثت مع عشرات الناجحين هذا العام لساعات طويلة، وفي كل مرة أستمع فيها إلى قصة أحدهم أدرك استحالة وجود سر واحد للنجاح، بل هي مئات الأسرار والتفاصيل الصغيرة والكبيرة التي عليها الاجتماع للوصول إلى النجاح.
من السهل اختيار سر واحد من هذه الأسرار ووضعه في جملة يسهل اقتباسها وتناقلها، ولكن هذا مضلل ولن يوصل الرسالة بصدق وأمانة لمَن يحاولون العثور على طريقهم.
السر الأكبر للنجاح هو عدم وجود سر واحد للنجاح.
هذه هي الجملة القصيرة التي أستطيع صياغتها لمَن يريد نقلها واقتباسها.
الدرس الحادي عشر: هوسك بالموهبة يعني عدم إخلاصك للتمرين بعد.
في أيّ فن أو صنعة يبالغ المبتدئون في تقدير دور الموهبة، ويضيعون أوقاتهم في السؤال إن كانوا يملكون ما يكفي منها، بينما ينشغل المحترفون بالتدرّب للوصول إلى الإتقان.
في بداية كل فن تعلّمته، كنت أسأل كثيرًا عن الموهبة، وأدركت لاحقًا أن أثرها يتضاءل مع مرور الوقت وتضاعف الخبرة.
حان الآن دورك. ما هي الدروس التي تعلّمتها في 2024؟ شاركني مُلخص عامك بالإجابة عن هذه الأسئلة:
- ما أهم المحطات التي مررت بها هذا العام؟
- ما أكبر الدروس التي تعلّمتها؟
- ما الذي سيتغيّر في العام القادم بسبب تأملك وإدراكك لرحلتك في هذا العام؟
أرسل لي الإجابة باستخدام صفحة التواصل.